كتاب الايديولوجية الصهيونية الجزء الاول PDF عبد الوهاب المسيري : ﺑﻌﺪ ﻣﻌﺮﻛﺔ ﺑﻴﺮوت المجيدة والمذبحة اﻟـﺪﻣـﻮﻳـﺔ اﻟﺘﻲ أﻋﻘﺒﺘﻬﺎ, اﺗﻀﺤﺖ أﺑﻌﺎد المواجهة اﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ اﻟﻌﺎلمية متمثلة في اﻹﻣـﺒـﺮﻳـﺎﻟـﻴـﺔ اﻟـﻐـﺮﺑـﻴـﺔ ﻓـﻲ اﻟـﺸـﺮق اﻷوﺳﻂ واﻟﻘﻮﻣﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ. ﻓﻘﺪ أﺻﺒﺢ ﻣﻦ اﻟﺜﺎﺑﺖ أن المخــﻄــﻂ اﻟــﺼــﻬــﻴــﻮﻧــﻲ ﻻ ﻳــﺴــﺘــﻬـــﺪف اﻷرض اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ ﻓﺤﺴﺐ أو ﺣﺘﻰ اﻟﺸﻌﺐ اﻟﻔـﻠـﺴـﻄـﻴـﻨـﻲ ﻓﺤﺴﺐ وإنما امتدت أﻃﻤﺎﻋﻪ ﻟﺘﺼﻞ إﻟﻰ ﻟﺒﻨﺎن اﻷردن وﻣﺼﺮ, واﻟﻰ أي ﻣﺪى يمكن ﻟﻘﻮﺗﻪ اﻟﺬاﺗﻴﺔ أن ﺗﻮﺻﻠﻪ إﻟﻴﻪ .وﻟﺬا يمكن اﻟﻘﻮل إن ﻫﺬه اﻟﺪراﺳﺔ اﻟﺸﺎﻣﻠﺔ ﻓﻲ اﻷﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺔ اﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ ﺗﺼﺪر ﻓﻲ لحظة تاريخية ﺣﺎﺳﻤﺔ ﺣﻴﺚ ﺗﻘﻮم ﻛﻞ اﻷﻃﺮاف ﺑﻠﻢ اﻟﺸﻤﻞ وإﻋﺎدة الحسابات ﺣﺘﻰ ﺗﺴﺘﻌﺪ ﻟﻠﻤﻌﺮﻛﺔ اﻟﻘﺎدﻣﺔ, فالمعركة ﻟﻢ ﺗﻨﺘﻪ ﺑﻌﺪ ﻛﻤﺎ ﻛﺎن ﻳﻈﻦ اﻟﺒﻌﺾ ﺑﻌﺪ «ﺳﻼم» ﻛﺎﻣﺐ دﻳﻔﻴﺪ -اﻟﻮﻫﻢ اﻟﺬي ﻟﻢ ﻳﻌﻤﺮ ﻃﻮﻳﻼ- وﻫـﺬه اﻟـﺪراﺳـﺔ تحاول أﻻ ﺗﺮﻛﺰ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ ﺟﻮاﻧﺐ ﻣﻦ اﻷﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺔ اﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ ﻣﺴﺘﺒﻌﺪة اﻟﺒﻌﺾ اﻵﺧﺮ-ﻛﺄن ﺗﺮﻛﺰ ﻋﻠـﻰ الجوانب اﻟـﺪﻳـﻨـﻴـﺔ دون اﻻﻗـﺘـﺼـﺎدﻳـﺔ, أو الجوانباﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ دون اﻟﻮﺟﺪاﻧﻴﺔ, أو ﻋﻠﻰ ﻋﻼﻗﺔ اﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ ﺑﺎﻟﻌﺮب دون اﻟﻴﻬﻮد- وإنما ﺗـﻄـﻤـﺢ أن ﺗـﻜـﻮن دراﺳـﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ وﻣﻨﻬﺠﻴﺔ, بمعنى اﻟﻜﻠﻤة, ﺗﺘﻨﺎول اﻷﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺔ اﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ ﻣﻦ ﺟﻤﻴﻊ ﺟﻮاﻧﺒﻬﺎ. وإذا ﻛﺎن ﻫﻨﺎك ﺟﺪﻳﺪ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﺪراﺳﺔ, ﻓﻬﻮ ﻫﺬا الجانب ﻣﻨﻬﺎ.ويمكن أن ﺗﻌﺘﺒﺮ ﻫﺬه اﻟﺪراﺳﺔ أﻳﻀﺎ دراﺳﺔ ﻓﻲ ﻋﻠﻢ اﺟﺘﻤﺎع المعرفة, ﺗﺴﺘﺨﺪم اﻷﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺔ اﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ ﺣﺎﻟﺔ ﻟﻠﺪراﺳﺔ. وﻋﻠﻢ اﺟﺘﻤﺎع المعرفة ﻫﻮ اﻟﻌﻠﻢ اﻟﺬي ﻳﺘﻨﺎول ﻋﻼﻗﺔ اﻷﻓﻜﺎر ﺑﺎلمجتمع, وﻛﻴﻒ ﺗﺘﺸﻜﻞ ﻫﺬه اﻷﻓﻜﺎر, وﻛﻴﻒ ﻳﺘﺒﻨﻰ ﺑﻌﺾ اﻷﻓﺮاد ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻷﻓﻜﺎر المحددة المشتركة ﻟﻴﻜﻮﻧﻮا ﺟﻤﺎﻋﺔ إﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻟﻬﺎ ﻓﻬﻢ ﺧﺎص ورؤﻳﺔ ﺧﺎﺻﺔ تحدد ﺳﻠﻮﻛﻬﻢ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ, وﻛﻴﻒ ﺗﺘﺤﻘﻖ وﺗﺘﺸـﻜـﻞ وﺗـﺘـﻌـﺪل ﻫـﺬه اﻷﻓـﻜـﺎر, ﺑـﻌـﺪ ذﻟـﻚ, ﺧـﻼل الممارسة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ, وﻛﻴﻒ ﺗﻮاﺟﻪ اﻟﺘﺤﺪﻳﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺸﺄ ﻣﻦ داﺧﻞ اﻟﻨﺴﻖ اﻟﻔﻜﺮي ذاﺗﻪ, وﻣﻦ ﺧﺎرﺟﻪ, وﻣﺎ ﻫﻲ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﻫﺬه اﻟﺘﺤﺪﻳﺎت.
إقرأ المزيد