كتاب جمع القرآن في مراحله التاريخية من العصر النبوي إلى العصر الحديث (ماجستير) PDF مايكل هاميلتون مورجان : يُطلق مصطلح جمع القرآن على معنيين أساسيين: الأول حفظه في الصدور، والثاني جمعه عن طريق كتابته. لقد توفي النبي محمد ﷺ والقرآن محفوظ في الصدور، ومكتوب في الرقاع واللخاف والعسب والأكتاف، لكنه مفرق ولم يرتب في مصحف واحد على عهد النبي محمد. يرجع سبب عدم جمع القرآن مرتبًا في مصحف واحد على عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، حرص النبي نفسه على عدم جمعه ترقبًا لنزول شيء جديد منه حتى وفاته، فلو أنه رتبه أولاً بأول وجمع بين دفتي مصحف واحد، لأدى هذا إلى كثرة التغيير والتبديل كلما نزلت عليه آية، وفي هذا من المشقة ما فيه. لكن هنالك كثير من النصوص واضحة الدلالة، على حفظ القرآن الكريم في سطور الصُّحُف ـ إضافة إلى حفظه المتواتر في الصدور ـ في عهد النبوة. جمع القرآن في عهد أبي بكر الصديق ظل القرآن الكريم على هذه الحال مفرقًا غير مجموع في مصحف واحد، إلى أن كانت خلافة أبي بكر، فواجهته أحداث جسيمة، وقامت حروب الردة، واستحرّ القتل بالقراء في وقعة اليمامة - سنة اثنتي عشرة للهجرة - التي استشهد فيها سبعون قارئاً من حفاظ القرآن. هالَ ذلك عمر بن الخطاب، وخاف أن يضيع شيء من القرآن بموت حفظته، فدخل على أبي بكر، وأشار عليه بجمع القرآن وكتابته خشية الضياع، فنفر أبو بكر من مقالته، وكَبَرَ عليه أن يفعل ما لم يفعله النبي، فظل عمر يراوده حتى اطمئن أبو بكر لهذا الأمر. ثم كلف أبو بكر زيد بن ثابت بتتبع الوحي وجمعه، فجمعه زيد من الرقاع والعسب واللخاف وصدور الرجال. حرص زيد بن ثابت على التثبت مما جمعه، ولم يكتف بالحفظ دون الكتابة، وحرص على المطابقة بين ما هو محفوظ ومكتوب، وعلى أن الآية من المصدرين جميعًا. فكان ذلك، أول جمع للقرآن بين دفتين في مصحف واحد. واحتفظ أبو بكر بالمصحف المجموع حتى وفاته، ثم أصبح عند حفصة بنت عمر. جمع القرآن في عهد عثمان اتسعت رقعة الأمصار الإسلامية في عهد عثمان بن عفان، وتفرق الصحابة في الأمصار يُقرِئون الناس القرآن، وأخذ كل بلدٍ عن الصحابي الذي وفد إليهم قراءته، وظهرت قراءات متعددة منشؤها اختلاف لهجات العرب. ولما اجتمع أهل العراق وأهل الشام لغزو ثغور أرمينية وأذربيجان، ظهر الخلاف بينهم في قراءة القرآن، وأنكر بعضهم على بعض ما يقرأون. شهد ذلك حذيفة بن اليمان، فركب إلى عثمان وبلّغه بالأمر. فأرسل عثمان إلى حفصة بنت عمر، يطلب المصحف لنسخه، وأمر زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام، فنسخوها، وجعلوا كتابته على لهجة قريش. ثم أرسل عثمان النسخ إلى مكة والشام والبصرة والكوفة واليمن والبحرين، وأبقى عنده في المدينة مصحفًا واحدًا، فقضى على الاختلاف بين بعض المسلمين. وقد درج العلماء على تسمية المصحف المكتوب بأمر عثمان بمصحف عثمان أو المصحف الإمام. الفرق بين جمع أبي بكر ونسخ عثمان كان باعث لدى أبي بكر لجمع القرآن هو الخوف عليه من الضياع بموت حفاظه بعد أن استحرّ القتل بالقراء. أما عثمان فدافعه هو كثرة الاختلاف في وجوه القراءة. هذا البحث يُبرِز عناية المسلمين بحفظ القرآن من عهد النبوة إلى الآن، ويُؤكِّد أن نقل القرآن ... جمع القرآن في مراحله التاريخية من العصر النبوي إلى العصر الحديث - محمد شرعي ... .
إقرأ المزيد