كتاب الوهابية والتوحيد PDF نور عليان : 1427م - 1443هـ الدعوة النجدية أو كما تعرف بـ الدعوة الوهابية أو الوهابية اختصارًا، مصطلح أطلق على حركة إسلامية سنية قامت في منطقة نجد وسط شبه الجزيرة العربية في أواخر القرن الثاني عشر الهجري، الموافق للثامن عشر الميلادي على يد الشيخ محمد بن عبد الوهاب (1703 - 1792) والأمير محمد بن سعود حيث تحالفا لنشر الدعوة السلفية التي قامت على إثرها الدولة السعودية الأولى والتي سيطرت على شبه الجزيرة العربية وأجزاء من العراق والشام واليمن. وقد كانت بدايتهما في الدرعية بنجد إذ أعلن محمد بن عبد الوهاب مواجهة من وقف ضد دعوة التوحيد وروّج مظاهر الشرك واستغلال العامة، ولبس عليهم دينهم بعد قيامه بنصيحتهم وبيان الحق لهم وإقامة الحجة عليهم؛ فشن سلسلة من الحروب تكللت بتوحيد أجزاء واسعة من شبه الجزيرة العربية، إقامةً لدولة التوحيد والعقيدة الصحيحة وتطهيراً لأمة الإسلام من الشرك. في عام 1233هـ/1818 حاصرت القوات العثمانية بقيادة إبراهيم باشا ابن والي الدولة العثمانية بمصر محمد علي باشا الدرعية عاصمة الدولة السعودية الأولى ودمرتها فيما عرف بالحرب السعودية العثمانية، إلا أن الوهابيين وآل سعود أسسوا دولة سعودية ثانية على يد الأمير تركي بن عبد الله بن محمد توسعت بشكل محدود على عكس سابقتها غير أنها سقطت بسبب الصراع والحروب الداخلية عام 1309هـ/1891م، ثم قامت الدولة السعودية الثالثة من جديد في أوائل القرن العشرين حاضنة ووارثة للدولة السعودية الأولى والثانية في علاقتها مع الدعوة الوهابية، تحت قيادة عبد العزيز بن سعود مؤسس المملكة العربية السعودية. يرى دعاة الوهابية أنها جاءت "لتصحيح الأوضاع الدينية الفاسدة والأحوال الاجتماعية المنحرفة" في وسط الجزيرة العربية برأيهم، وأنها تنقية لعقائد المسلمين والتخلص من العادات والممارسات التي انتشرت في بلاد الإسلام وتراها الوهابية مخالفة لجوهر الإسلام التوحيدي مثل التوسل، والتبرك بالقبور وبالأولياء، والبدع بكافة أشكالها. ويصفها أتباعها الأصوليون بأنها دعوة إلى الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر والرجوع إلى الإسلام الصافي، ويصفون محمد بن عبد الوهاب بمجدد الدين في القرن الثاني عشر، وأن منهجها هو طريقة السلف الصالح في اتباع القرآن والسنة. ويصف ابن غنام حال نجد في تلك الفترة فيقول:«فقد كان في بلدان نجد من ذلك أمر عظيم وهول مقيم، كان الناس يقصدون قبر زيد بن الخطاب في الجبيلة ويدعونه لتفريج الكرب وكشف النوب وقضاء الحاجات، وكانوا يزعمون أن في قرية قريوة في الدرعية قبور بعض الصحابة فعكفوا على عبادتها وصار أهلها أعظم في صدورهم من الله خوفًا ورهبة فتقربوا إليهم وهم يظنون أنهم أسرع إلى تلبية حوائجهم من الله، وكانوا يأتون إلى شعيب غبيرا من المنكر ما لا يعهد مثله يزعمون أن فيه قبر ضرار بن الأزور . وفي بلدة العفرا ذكر النخل المعروف ( بالفحال) يذهب إليه الرجال والنساء ويفعلون عنده من المنكرات ما ينكره الدين، فالرجل الفقير يذهب إلى الفحال ليوسع له رزقه، والمريض يذهب إليه ليشفيه من المرض، والمرأة التي لم يتقدم لها خاطب تتوسل إليه في خضوع وتقول له : يا فحل الفحول ارزقني زوجا قبل الحول، وكان هناك شجرة تدعى شجرة الذئب يأمها النساء اللاتي يرزقن بمواليد ذكور ويعلقن عليها الخرق البالية لعل أولادهن يسلمون من الموت والحسد. وكان في مدينة الخرج رجل يدعى ( تاج ) نهج الناس فيه سبيل الطواغيت فانهالت عليه النذر واعتقدوا فيه النفع والضرر وكانوا يذهبون للحج إليه أفواجا وينسجون حوله كثيرا من الأساطير والخرافات.... » يقول المؤلف علي الكوراني العاملي: لم يكن هذا البحث من قصدي ، فقد كنت مستغرقاً في بحث آخر ، ووجدت في أثنائه أن عقيدة الوهابيين في آيات الصفات وأحاديثها تحتاج إلى معرفة جذورها . . ولما راجعت ما تيسر لي من مصادر ، هالني الأمر . . وقلت في نفسي : لو عرف إخواننا الوهابيون حقيقة التوحيد الذي يقدمه لهم علماؤهم ويطلبون منهم أن يسوقوا المسلمين بعصاه . . لأعادوا النظر في بناء عقيدتهم بالله تعالى ، وخففوا من غلوائهم علينا . لو عرف المثقف الوهابي أن إمامه المفتي الأكبر عبد العزيز بن باز يقول إن الله تعالى جسم موجود في مكان معين من الكون ، وله وجه ويد ورجل وأعضاء وجوارح . . وأنه على صورة إنسان . . وأن الحيوانات تحمل عرشه . . ! لو عرف أن علماءه يقولون إن هذا ( الإله ) يفنى ويهلك كله ما عدا وجهه ، بدليل قوله تعالى ( كل شئ هالك إلا وجهه ) ! ! وأنهم يقولون يجب على علماء الوهابية أن يكتموا مادية الله تعالى عن جمهور المسلمين ويستعملوا معهم التقية ) لأن عقائد الإسلام منها ما هو خاص برجال الدين من الدرجة الأولى . . فمادية الله تعالى بزعمهم خاصة بهذه الطبقة فقط ! ! لو اطلع هذا المثقف على هذا الضعف العلمي والتناقضات في نظريات علمائه عن التوحيد لهاله الأمر ! ولأعاد النظر في تصوره الذي علموه إياه عن الله تعالى . . ثم لعذر الجمهور الأعظم من المسلمين في نفرتهم من الوهابية . من أجل هذا الهدف كتبت هذا البحث . . لعل إخواننا الوهابيين يلتفتون إلى أن مشكلتهم في التوحيد أعظم من جميع مشكلات المسلمين ، فينشغلوا بحلها ويخففوا عنا شدتهم ، خاصةً في موسم الحج الذي صار المسلم يحسب له قبل مشقاته البدنية والمالية ، مشقته المعنوية على كرامته ، بسبب فتاوى الكفر والشرك التي يتأبطها المتطوعون الوهابيون في موسم الحج ويصفعون بها وجوه حجاج بيت الله تعالى وزوار قبر نبيه وآله صلى الله عليه وآله ! ! لقد كثر هؤلاء المتبرعون لخدمة ضيوف الرحمن في السنوات الأخيرة وعدلوا في توزيع جوائزهم على الجميع ، حتى لا تكاد تجد حاجاً يرجع إلى بلاده من أي بلد أو قومية إلا ويتحدث عن معاملتهم الحسنة وفتاواهم ونبراتهم التي صفعوه بها ! لمجرد أنه تقرب إلى الله تعالى بزيارة قبر نبيه أو وليه ! ينبغي أن يعرف إخواننا الوهابيون أن مسائل الشرك العملي كلها متأخرة رتبةً عن مسألة الإعتقاد النظري ، وأنه لا بد للمسلم أولاً أن يصحح عقيدته بربه عز وجل وتصوره عنه ، حتى يملك الأساس الذي يقيس به توحيد الآخرين النظري والعملي ، ويعرف ما هو الشرك الأكبر والأصغر والمتوسط.. أما إذا كان عنده مشكلة في أصل اعتقاده بالله تعالى ، فإن عليه أن يعالج مشكلته ويبني بيته أولاً . . ثم إذا جاز له أن يطرح اجتهاده على المسلمين . . فبالحسنى ، والمنطق العلمي ، والكلمة الجميلة . .
إقرأ المزيد