كتاب الساعات الأخيرة في حكم مبارك PDF عبد القادر شهيب : في هذه الساعات ضاعات القدرة علي التفكير السليم وساد التخبط.. وهذا ما يفسر البطء في إتخاذ القرار والانتظار لنحو أربعة أيام قبل أن يخرج مبارك شخصياً ليتحدث للشعب الذي انتفض ضد نظام حكمه مطالباً بإسقاطه.. وحتي عندما تحدث كان كل ما قدمه للمتظاهرين الغاضبين بضعة وعود محددة بإصلاح دستوري عابر غير محدد الملامح مع تبشيره بأنه طلب من حكمومة نظيف الإستقالة، حتي لم يقل إنه بادر بإقالتها!.. بينما لم يكن قد استقر بعد علي من يشكل الحكومة الجديدة، ولا أفصح عن نيته لتعيين نائب للرئيس، وهو مطلب قديم كانت قد تجاوزته حركة الشارع وقتها. وبسبب البطء انتظرنا أربعة أيام أخرى ليخرج مبارك مجدداً متحدثاً للشعب ليؤكد انه لن يترشح في الانتخابات الرئاسية الجديدة، ولم يؤكد في ذات الوقت أن أبنه الذي استقال من مناصه القيادية في الحزب الوطني لن يترشح هو الآخر.. واحتاج الأمر أن يعلن ذلك النائب عمر سليمان فيما بعد، لكنه كان إعلاناً متأخراً لأن خطاب مبارك الثاني ذاته كانت آثاره قد تبددت سريعاً بعد ساعات في اليوم التالي، بعد موقعة الجمل الشهيرة و التي أقنعت قطاعات شعبية واسعة بأن نظام مبارك ليس ضحية او مجنياً عليه، وإنما كان متورط في قتل الشباب المعتصمين بميدان التحرير.. وبالتالي لا معني لمنحه مهلة لخروج مشرف من السلطة. ومن المؤكد ان ذلك زاد اكثر من صعوبة الساعات الأخيرة في حكم مبارك، وزاد من قسوتها ووطأتها عليه وعلي كل المحيطين به، الذين كانوا يحاولون عبثاً إنقاذ سفينة حكمه من الغرق وهي تواجه تسوماني شعبياً هائلاً ثقبها من شتي الاتجاهات، في وقت لم يتقدم أحد في الداخل أو الخارج لإنقاذهم.. بل إن كل هؤلاء تخلوا عنهم وانحازوا لمن يطالبون بالخلاص منهم. وهكذا.. الساعات الأخيرة في حكم مبارك كانت في حقيقتها شديدة الدرامية.. فلم تكن ساعات نهاية طبيعية لحكم امتد لنحو ثلاثين عاماً.. ولكنها مع ذلك كانت نهاية حتمية.. وهذا ما نفهمه من تتبع ما حدث في هذه الساعات.
إقرأ المزيد