كتاب موسوعة مشاهير رجال المغرب ج4 PDF عبدالله كنون : الشعوب ذات التاريخ والمجد لا تضمحل ولا تبيد، وإن امتداد حياتها في المستقبل هو على قدر امتدادها في الماضي، فإذا ما طرا عليها ضعف أو فتور فإنه سرعان ما يزول بالذكرة والاعتبار "وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين". والمغرب هو أحد الشعوب العربية الإسلامية، التي أثلت مجداً وحضارة وضربت بسهم فائز في ميدان العلم والسياسة. ثم قعدت به الجدود العواثر عن مجاراة الأحياء وسنن الكون فوجب تنبيهه إلى ما كان له من عز وكمال، ونفخ روح الحفاظ والحمية فيه. وقد آثر مؤلف هذه الموسوعة أن بعده لها بكتاب "النبوغ" الذي أبرز فيه نواحي العظمة في تاريخ المغرب الفكري والسياسي، وكان له أثر عظيم في تنبيه المواطنين إلى هذا الكجهود الكبير الذي بذله المغرب في سبيل إثبات شخصيته والمحافظة على كيانه أمام المؤثرات القوية التي حاولت مرار أن تمحوه من صحيفة الوجود. بعد ذلك توسع المؤلف في عرض الشخصيات التي كان لها أثر محسوس في هذا الصراع الحيوي والتي فازت بإكليل الغار، فبقي ذكرها محفوظاً في صدور الدفاتر وإن محي من صدور الناس، إلا قليلاً من قليل. وذلك أن "النبوغ" كان كتاباً جامعاً ودراسة محيطة بالشاذة والفاذة، وكان لكل فصل فيه مقدمات يراد منها الوصول إلى نتائج فلم يتأت التوسع في باب منه دون باب. وقد بقيت في نفس حاجة متعلقة بتراجم الأشخاص المذكورين فيه، خصوصاً المشهورين منهم والذين يوحي تتبع تراجمهم بمعاني من السمو النفسي والفخر الأدبين هي غاية المراد ومنتهى القصد، فأراد استيفاء تلك الحاجات على حسب الوسع وقدر الإمكان. وقد نهج في كتابته منهاجاً أدبياً بديعاً، فأنت تقرأ الترجمة وكأنك تقرأ قصة متسلسلة الفصول، فلا تشعر بسأم ولا ملل من سياق النقول ولا من تحقيق الأموال ومناقشة الآراء ودفع الشبع. وحرص فيه ما أمكن على سلاسة العبارة وطلاوة الأسلوب وإبراز حرارة النكتة واستثارة روح الإعجاب، مع الأمانة والصدق وعدم الغلو في مدح أو تقدير شيء من الأشياء. وذلك لأن الكتاب إذا خلال من هذه الأمور وكان الأسلوب العلمي الجاسي غالباً عليه فإنه قلنا يقرأ وإذا قرئ فإنما يتناول من أطرافه. .
إقرأ المزيد