كتاب علامات الساعة .. دراسة تحليلية PDF رفاعي سرور : جاء في مقدمة هذا الكتاب: من أخطر ظواهر التاريخ، ظاهرة التأصيل الكوني للدعوات والمذاهب لأنه إثبات للعلاقة بين الدعوة أو المذهب وبين النظام الكوني. هذا التأصيل الذي يحاول به أصحاب أي دعوة إثبات صحة دعوتهم، وغالباً ما يكون التأصيل في اتجاهين، الماضي )الجذور( والمستقبل )الامتداد .( ولعل من أبرز الأمثلة على ذلك هذه الزبالة الزائلة التي كانت تسمى )الشيوعية( والتي كان أصحابها يعتبروا بداية التاريخ وختامه. فكانوا يمثلون التاريخ أربع مراحل: الشيوعية الأولى. الرق. الإقطاع، والرأسمالية. الشيوعية الثانية. وكانوا يضربون لذلك مثلاً وهو الماء الذي يمثل الشيوعية الأولى. ثم يتعرض الماء للحرارة حتى البخر ليكون التبخر ،هو الرق ثم يتعرض البخار للبرودة فيتكثف ليكون الكثف هو الإقطاع والرأسمالية التي يعود بعدها إلى الماء ليكون الماء هو الشيوعية الثانية. وهذه هي محاولة التأصيل الكوني للمذهب المعدوم، ويشاء الله العلي القدير أن تتبخر النظرية كلها بكل عصارتها المنتنة. ويبقى نوع آخر من الدعوات التي تحاول هذه المحاولات وهي المنتسبة للرسالات السماوية، إما اليهودية أو النصرانية. وهذا النوع لا يقل خطراً عن الدعوات المادية )مثل الشيوعية .( وخطورة هذه الدعوات السماوية تحدث من خلال قضية علامات الساعة، لأن أصحاب هذه الدعوات ينحرفون بالجذور الصحيحة للرسالة السماوية ليصلوا بهذا الانحراف إلى الامتداد المستقبلي المحرف هو الآخر. وبينما يحاول اليهود والنصارى جهدهم في تحريف قضية العلامات، يفاجئون بإحياء التصور الإسلامي للقضية بصورة كاملة، باعتبار أن العلامات تمثل جزءً أصيلاً ضخماً من تاريخ الأمة الإسلامية الباقية إلى آخر الزمان، متضمنة ظهور العلامات. وهنا تأخذ المواجهة صورة أخرى وهو إخفاء ما عندهم من علم عن العلامات عن العقل المسلم بالذات حتى لا ينتبه هذا العقل إلى فاعلية تلك القضية في تحديد منهج الصراع معهم. ولكن محاولة الإخفاء اليهودية والنصرانية للعلامات لم تكن محاولة سهلة، فقدر الله كشف هذا الخفاء ليظهر مدى المكر والكيد المبذول في تلك المحاولة. وقد أراد الله سبحانه كشف هذا الخفاء من خلال عدة أسباب مقدرة. وكان أولها: المعلومات المكشوفة على لسان اليهود والنصارى الذين أسلموا. مثلما أخرج الخطيب في الرواية عن مالك أن عمر دخل على أم كلثوم بنت علي فوجدها تبكي فقال: ما يبكيك ؟ قالت: هذا اليهودي – لكعب الأحبار – يقول إنك باب من أبواب جهنم، فقال عمر: ما شاء الله. ثم خرج فأرسل إلى كعب فجاءه فقال: أمير المؤمنين والذي نفسي بيده لا ينسلخ ذو الحجة حتى تدخل الجنة، فقال: ،ما هذا مرة في الجنة ومرة في النار ؟ فقال: إلنجدك في كتاب الله على باب من أبواب جهنم تمنع الناس أن يقتحموا فيها، فإذا مت اقتحموا .1 كما كانت هناك بعض التصرفات ذات الطبيعة العلنية الدالة على أم يتحركون بمقتضى ،تصورات خفية مثل زراعة اليهود شجر الغرقد لأنه شجر اليهود، إذ إن جميع الشجر يدل المسلم لى اليهودي الذي يختبئ وراءه في آخر الزمان عدا هذا الشجر كما فى الحديث المتفق عليه والذى رواه ابو هريرة رضى الله عنه. وبمجرد انكشاف أخبار العلامات عند اليهود والنصارى. نفاجأ بالدقة المتناهية التي عندهم في قضية العلامات. فبعد موقعة أجنادين التي حارب فيها عمرو بن العاص الروم وانتصر عليهم، حاول عمرو فتح فلسطين. فكتب إليه الأرطبون بأنك صديقي ونظيري، أنت في قومك مثلي في قومي، والله لا تفتح من فلسطين شيئاً بعد أجنادين، فقال أصحاب الأرطبون: من أين علمت أنه ليس بصاحب فتح هذه البلاد ؟ فقال: صاحبها رجل اسمه على ثلاثة أحرف، فعلم عمرو بكلام الأرطبون فكتب إلى عمر يقول له: إني أعالج حرباً كؤداً صدوماً، وبلادا ادخرت لك. فعزم عمر على الدخول إلى الشام لفتح بيت المقدس .1 وهذه هي الدقة المتناهية في تصور العلامات عند أهل الكتاب، أن يجزم الأرطبون أن بيت المقدس لن تفتح على يد عمرو. وإستنفتح على يد عمر. وقد علم الأرطبون ذلك من الاسم، والفرق بين الاسمين حرف واحد وهو الواو. ومما جاء عن أسلم مولى عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قدم دمشق في تجارة من قريش فتخلف عمر بن الخطاب لبعض حاجته، فبينما هو في البلد إذا ببطريق خذ بعنقه، فذهب ينازعه فلم يقدر عليه، فأدخله داراً فيها تراباً وفأساً ومجرفة وزنبيل، وقال له: حول هذا من ههنا إلى ههنا. فغلبه عمر وخرج فجاء ديراً لراهب، فحبس عنده من العشي فأطعمه وسقاه، وقال له: لقد علم أهل دين النصرانية أني أعلمهم بكتابهم، وإني لأراك الذي تخرجنا من بلاد هذه، فهل لك أن تكتب لي كتاب أمان على ديري هذا .2 وعن الأقرع مؤذن عمر أن عمر رضوان الله عليه مر على الأسقف فقال: هل تجدوني في شيء من كتبكم ؟ قال: نجد صفتكم وأعمالكم ولا نجد أسماءكم. قال: كيف تجدوني ؟ قال: قرن من حديد. قال عمر: قرن من حديد ماذا ؟ قال: أمير شديد، قال عمر: الله أكبر والحمد لله.. هذا الكتاب يناقش ويحلل علامات الساعة.. .
إقرأ المزيد