كتاب عقائد الأشاعرة PDF مصطفى باحو : 2011م - 1443هـ شكَّلَ المذهَبُ الأشعريُّ مَنهجًا جديدًا مُختلِفًا عمَّا كان عليه السَّلَفُ المتقدِّمونَ منذُ أوَّلِ لحظةٍ من ظُهورِه؛ حيثُ إنَّ الأشعريَّ اعتمَدَ طريقةَ ابنِ كُلَّابٍ ومَنهجَه في تأسيسِ العقائدِ, ويكشِفُ الشَّهْرَسْتانيُّ عن هذه الحقيقةِ، فيقولُ في مَعرِضِ مَدحِه لشَيخِه الأشعَريِّ: "حتَّى انتَهى الزَّمانُ إلى عبدِ اللهِ بنِ سعيدٍ الكُلَّابِّي وأبي العبَّاسِ القَلانِسيِّ والحارِثِ بنِ أسعَدَ المُحاسِبيِّ، وهؤلاء كانوا من جُملةِ السَّلَفِ إلَّا أنَّهم باشَروا عِلمَ الكَلامِ وأيَّدوا عقائدَ السَّلَفِ بحُجَجٍ كَلاميَّةٍ وبراهينَ أُصوليَّةٍ... وانحازَ الأشعَريُّ إلى هذه الطائفةِ فأيَّدَ مَقالتَهم بمناهِجَ كَلاميَّةٍ، وصارَ ذلك مَذهَبًا لأهلِ السُّنَّةِ والجماعةِ، وانتقلَتْ سِمَةُ الصِّفاتيَّةِ إلى الأشعَريَّةِ"). ومن حينِ أنْ ظهَرَ المَذهبُ الأشعريُّ باعتبارِه مَذهبًا عَقَديًّا له أصولٌ وعقائدُ خاصَّةٌ, اتخَذَ منه أئمَّةُ أهلِ السُّنَّةِ والجماعةِ الذين هم أَخبَرُ بمذهَبِ الأئمَّةِ المتقدِّمينَ وأعلَمُ بمدلولاتِها مَوقِفًا واضحًا, وعَدُّوه من الفِرقِ الخارجةِ عن السُّنَّةِ التي كان عليها الصحابةُ وتلاميذُهم ومَن جاء بَعدَهم من الأئمةِ المتبوعينَ؛ نتيجةً لمَا تلبَّسَ به من أخطاءٍ منهجيَّةٍ وعَقَديَّةٍ. وقد تتالَتْ مَقالاتُهم ومواقِفُهم التي تؤكِّدُ ذلك, وقامَ عدَدٌ من الباحثينَ في القَديمِ والحديثِ بجَمعِ تلك المَقالاتِ والمواقِفِ التي صرَّحَ فيها أئمَّةُ مَذهبِ أهلِ السُّنَّةِ بأنَّ المذهَبَ الأشعَريَّ خارجٌ عن مَنهجِهم، وأنَّه يُمثِّلُ مَذهبًا مُتناقضًا مع مَذهبِهم. ولكنَّ هناك نافذةً أخرى يمكِنُ من خِلالِها تأكيدُ ذلك الحُكمِ الذي اتخَذَه عُلماءُ أهلِ السُّنَّةِ, وهي مَقالاتُ ومواقفُ أئمَّةِ المذهَبِ الأشعريِّ ومُحقِّقيه، التي أكَّدوا فيها على أنَّ طريقَتَهم مُخالفةٌ للطريقةِ التي يُقرِّرُها أئمَّةُ أهلِ السنَّةِ، ومُناقِضةٌ لها في المنهجِ والأصولِ. .
إقرأ المزيد