تحميل كتاب زاد الحجَّاج والمُعتمرين من فقه وآداب ذينِك النسكين PDF محمد سعد عبدالدايم

كتاب زاد الحجَّاج والمُعتمرين من فقه وآداب ذينِك النسكين

زاد الحجَّاج والمُعتمرين من فقه وآداب ذينِك النسكين

نبذة عن كتاب زاد الحجَّاج والمُعتمرين من فقه وآداب ذينِك النسكين :

كتاب زاد الحجَّاج والمُعتمرين من فقه وآداب ذينِك النسكين PDF محمد سعد عبدالدايم : 1996م - 1443هـ الحج أحد أركان الإسلام، ومبانيه العظام، وهو خاصة هذا الدين الحنيف، وسِرّ التوحيد. فرضه الله على أهل الإسلام بقوله سبحانه: {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين}، فسمى تعالى تاركه كافرا، فدل على كفر من تركه مع الاستطاعة، وحيث دل على كفره فقد دل على آكدية ركنيته. وقد جاءت السنة الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم بالتصريح بأنه أحد أركان الإسلام، ففي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام)، وفي حديث جبريل في رواية عمر رضي الله عنه عند مسلم أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: ما الإسلام؟ قال: (أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا)، وفي صحيح مسلم أيضا عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أيها الناس، قد فرض الله عليكم الحج فحجوا..)، وأحاديث كثيرة في الصحيحين وغيرهما في هذا المعنى، وبفرضه كمل بناء الدين وتم بناؤه على أركانه الخمسة. وأجمع المسلمون على أنه ركن من أركان الإسلام وفرض من فروضه، إجماعا ضروريا، وهو من العلم المستفيض الذي توارثته الأمة خلفا عن سلف. وفي مسند أحمد وغيره بسند حسن عن عياش بن أبي ربيعة مرفوعا: (لا تزال هذه الأمة بخير ما عظموا هذه الحرمة - يعني الكعبة - حق تعظيمها، فإذا تركوها وضيعوها هلكوا)، قال بعض أهل العلم: الحج على الأمة فرض كفاية كل عام على من لم يجب عليه عينا. فيجب الحج على كل: مسلم، حر، مكلف، قادر، في عمره مرة واحدة. وقد حكى الإجماع على ذلك غير واحد من أهل العلم، والقدرة : هي استطاعة السبيل التي جعلها الشارع مناط الوجوب، روى الدارقطني بإسناده عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: {من استطاع إليه سبيلا}، قال: قيل: يا رسول الله، ما السبيل؟ قال: (الزاد والراحلة)، وعن ابن عباس عند ابن ماجه والدار قطني بنحوه، وعن جماعة من الصحابة يقوي بعضها بعضا للاحتجاج بها، ومنها عن ابن عمر رضي الله عنهما: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما يوجب الحج؟ قال: (الزاد والراحلة). قال الترمذي: العمل عليه عند أهل العلم. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية بعد سرد الآثار فيه: هذه الأحاديث مسندة من طرق حِسان مرسلة وموقوفة، تدل على أن مناط الوجوب الزاد والراحلة. قلت: المراد بالزاد: ما يحتاج إليه الحاج في سفره إلى الحج ذهابا وإيابا من مأكول، ومشروب، وكسوة ونحو ذلك، ومؤونة أهله حال غيابه حتى يرجع، والمراد بالراحلة: المركوب الذي يمتطيه في سفره إلى الحج ورجوعه منه بحسب حاله وزمانه. وتعتبر الراحلة مع بعد المسافة فقط وهو ما تقصرفيه الصلاة لا فيما دونها. والمعتبر شرعا في الزاد والراحلة في حق كل أحد، ما يليق بحاله عرفا وعادة لاختلاف أحوال الناس. ويشترط للوجوب سعة الوقت عند بعض أهل العلم، لتعذر الحج مع ضيقه. واعتبر أهل العلم من الاستطاعة أمن الطريق بلا خفارة، فإن احتاج إلى خفارة لم يجب، وهو الذي عليه الجمهور. قلت: وقد أوضح الله تبارك وتعالى في سياق ذكر فرض الحج على الناس وإيجابه عليهم بشرطه، محاسن البيت وعظم شأنه بما يدعو النفوس الخيرة إلى قصده وحجه، فقال سبحانه: {إن أول بيت وضع للناس للذى ببكة مباركا وهدى للعالمين * فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا..} الآية. وفي موضع آخر أخبر سبحانه أنه إنما شرع حج البيت {ليشهدوا منافع لهم..} الآية، وكل ذلك مما يدل على الاعتناء به والتنويه بذكره والتعظيم لشأنه، والرفعة من قدره، ولو لم يكن إلا إضافته إليه سبحانه بقوله: {وطهر بيتي للطائفين} لكفى بذلك شرفا وفضلا. فهذه النصوص وأمثالها هي التي أقبلت بقلوب العالمين إليه حبا له وشوقا إلى رؤيته فلا يرجع قاصده منه إلا وتجدد حنينه إليه وجد في طلب السبيل إليه. أما من كفر بنعمة الله في شرعه وأعرض عنه وجفاه فلا يضر إلا نفسه، ولن يضر الله شيئا: {ومن كفر فإن الله غني عن العالمين} فله سبحانه الغنى الكامل التام عن كل أحد من خلقه من كل وجه وبكل اعتبار فإنه سبحانه هو الغني الحميد. الفورية في أداء الحج من اكتملت له شروط وجوب الحج، وجب عليه أداؤه فورا عند أكثر أهل العلم، والفورية: هي الشروع في الامتثال عقب الأمر من غير فصل، فلا يجوز تأخيره إلا لعذر، ويدل على ذلك ظاهر قوله تعالى: {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا}، وقوله صلى الله عليه وسلم: (أيها الناس، إن الله فرض عليكم الحج فحجوا) رواه مسلم، فإن الأمر يقتضي الفورية في تحقيق المأمور به، والتأخير بلا عذر عرضة للتأثيم. وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تعجلوا إلى الحج - يعني الفريضة - فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له)، وروى سعيد في سننه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: "لقد هممت أن أبعث رجالا إلى هذه الأمصار، فينظروا كل من كان له جدة ولم يحج ليضربوا عليهم الجزية، ما هم بمسلمين، ما هم بمسلمين". وروي عن علي رضي الله عنه قال: "من قدرعلى الحج فتركه فلا عليه أن يموت يهوديا أو نصرانيا"، وعن عبد الرحمن بن باسط يرفعه: (من مات ولم يحج حجة الإسلام لم يمنعه مرض حابس، أو سلطان جائر، أو حاجة ظاهرة، فليمت على أي حال يهوديا أو نصرانيا) وله طرق توجب أن له أصلا. ومما يدل على أن وجوب الحج على الفور حديث الحجاج بن عمر الأنصاري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من كسر أو عرج - يعني أحصرفي حجة الإسلام بمرض أو نحوه - فقد حل، وعليه الحج من قابل) رواه الإمام أحمد وأصحاب السنن وغيرهم، قال فيه النووي: رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة والبيهقي وغيرهم بأسانيد صحيحة، فالحديث دليل على أن الوجوب على الفور. «فهذه رسالة جمعتُ فيها مهمات من أحكام المناسك وآدابًا وتنبيهات للناسك جمعتُها لنفسي من مصنَّفات أهل العلم قبلي وأحببتُ أن ينتفع بها غيري وقد حرصتُ أن تكون مقترنة بالدليل وأسأل الله تعالى أن تكون نافعة وهادية إلى سواء السبيل». .

إقرأ المزيد