تحميل كتاب الرسالة القبرصية ذلك الدين القيم PDF محمد اشرف حجازي

كتاب الرسالة القبرصية ذلك الدين القيم

الرسالة القبرصية ذلك الدين القيم

نبذة عن كتاب الرسالة القبرصية ذلك الدين القيم :

كتاب الرسالة القبرصية ذلك الدين القيم PDF محمد اشرف حجازي : رسالة مُترجَمة إلى اللغة الألمانية، كتبها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وجَّهها إلى ملك قبرص، يطالبه فيها بالإحسان إلى أسرى المسلمين وإطلاق سراحهم، كما يُخاطبه في شأن الدين وأمر المعتقد، وتمتاز بأسلوب يجمع بين الشدة واللين، تطوي في ثناياها عزة المسلمين وأنفتهم وحميتهم في دينهم في ذلك الزمن. من: أحمد ابن تيمية إلى: سرجوان عظيم أهل ملته، ومن تحوط به عنايته من رؤساء الدين، وعظماء القسيسين والرهبان والأمراء والكتاب وأتباعهم. سلام على من اتبع الهدى. أما بعد: فإنا نحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو، إله إبراهيم وآل عمران. ونسأله أن يصلي على عباده المصطفين وأنبيائه المرسلين. ويخص بصلاته وسلامه أولي العزم الذين هم سادة الخلق وقادة الأمم، الذين خصوا بأخذ الميثاق، وهم: نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد، كما سماهم الله تعالى في كتابه فقال عز وجل « شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه الله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب » وقال تعالى « وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم وأخذنا منهم ميثاقا غليظا ليسأل الصادقين عن صدقهم وأعد للكافرين عذابا أليما ». ونسأله أن يخص بشرائف صلاته وسلامه خاتم المرسلين وخطيبهم إذا وفدوا على ربهم، وإمامهم إذا اجتمعوا، شفيع الخلائق يوم القيامة نبي الرحمة ونبي الملحمة.الجامع محاسن الأنبياء، الذي بشر به عبد الله وروحه وكلمته التي ألقاها إلى الصديقة الطاهرة البتول التي لم يمسها بشر قط: مريم ابنة عمران ذلك مسيح الهدى عيسى ابن مريم، الوجيه في الدنيا والآخرة، المقرب عند الله، المنعوت بنعت الجمال والرحمة لما انجر بنو إسرائيل فيما بعث به موسى من نعت الجلال والشدة، وبعث الخاتم الجامع بنعت الكمال المشتمل على الشدة على الكفار، والرحمة بالمؤمنين، والمحتوي على محاسن الشرائع والمناهج التي كانت قبله صلى الله عليهم وسلم أجمعين إلى يوم القيامة. أما بعد: فإن الله خلق الخلائق بقدرته، وأظهر فيهم آثار مشيئته وحكمته ورحمته، وجعل المقصود الذي خلقوا له فيما أمرهم به هو عبادته. وأصل ذلك هو معرفته ومحبته. فمن هداه الله صراطه المستقيم، آتاه رحمة وعلما ومعرفة بأسمائه الحسنى وصفاته العليا، ورزقه الإنابة إليه، والوجل لذكره والخشوع له، والتأله له فحن إليه حنين النسور إلى أوكارها، وكلف بحبه كلف الصبي بأمه، لا يعبد إلا إياه رغبة ورهبة ومحبة، وأخلص دينه لمن الدنيا والآخرة له، رب الأولين، ملك يوم الدين، خلق ما تبصرون، وما لا تبصرون، عالم الغيب والشهادة، الذي أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون. لم يتخذ من دونه أندادا كالذين اتخذوا من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله، والذين آمنوا أشد حبا لله. ولم يشرك بربه أحدا، ولم يتخذ من دونه وليا ولا شفيعا، لا ملكا ولا نبيا ولا صديقا، [ إن كل من في السموات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا لقد أحصهم وعدهم عدا وكلهم آتيه يوم القيامة فردا] فهنالك اجتباه ربه، واصطفه وآتاه رشده ن وهداه لم اختلف فيه من الحق بإذنه ن فإنه يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم. و ذلك: أن الناس كانوا بعد آدم عليه السلام وقبل نوح عليه السلام، على التوحيد والإخلاص، كما كان عليه أبوهم آدم أبو البشر عليه السلام حتى ابتدعوا الشرك وعبادة الأوثان بدعة من تلقاء أنفسهم بشبهات زينها الشيطان من جهة المقاييس الفاسدة، والفلسفة الحائدة. قوم منهم زعموا أن التماثيل طلاسيم الكواكب السماوية والدرجات الفلكية والأرواح العلوية. وقوم اتخذوها على صورة من كان فيهم من الأنبياء والصالحين. وقوم جعلوها لأجل الأرواح السفلية من الجن والشياطين. وقوم على مذاهب أخرى. وأكثرهم لرؤسائهم مقلدون، وعن سبيل الهدى ناكبون، فابتعث الله نبيه نوحا عليه السلام يدعوهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، وينهاهم عن عبادة ما سواه، وإن زعموا أنهم يعبدونهم ليتقربوا بهم إلى الله زلفى ويتخذوهم شفعاء فمكث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما، فلما أعلمه الله أنه لن يؤمن من قومه إلا من قد آمن، دعا عليهم فأغرق الله أهل الأرض بدعوته. وجاءت الرسل بعده تترى إلى أن عم الأرض دين الصابئة والمشركين لما كان النماردة والفراعنة ملوك الأرض شرقا وغربا فبعث الله إمام الحنفاء وأساس الملة الخالصة، والكلمة الباقية: إبراهيم خليل الرحمن. فدعا الخلق من الشرك إلى الإخلاص، ونهاهم عن عبادة الكواكب والأصنام، وقال « وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين » وقوله « أفرأيتم ما كنتم تعبدون أنتم وآباؤكم الأقدمون، فإنهم عدو لي إلا رب العالمين الذي خلقي فهو يهدين والذي هو يطعمني ويسقين وإذا مرضت فهو يشفين والذي يميتني ثم يحيين الذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين » وقال إبراهيم عليه السلام ومن معه لقومه «إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده » فجعل الله الأنبياء والمرسلين من أهل بيته وجعل لكل منهم خصائص، ورفع بعضهم فوق بعض درجات وآتى كلا منهم من الآيات، ما آمن على مثله البشر. فجعل لموسى العصا حية حتى ابتلعت ما صنعت السحرة الفلاسفة من الحبال والعصي، وكانت شيئا كثيرا. وفلق له البحر حتى صار يابسا، والماء واقفا حاجزا بين اثني عشر طريقا على عدد الأسباط، وأرسل معه القمل والضفادع والدم، وظلل عليه وعلى قومه الغمام الأبيض يسير معهم. وأنزل عليهم صبيحة كليوم المن والسلوى، وإذا عطشوا ضرب موسى بعصاه الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا، قد علم كل أناس مشربهم. وبعث بعده أنبياء من بني إسرائيل، منهم من أحيا الله على يديه الموتى. ومنهم من شفى الله على يديه المرضى. ومنهم من اطلعه على ما شاء من غيبه. ومنهم من سخر له المخلوقات. ومنهم من بعثه بأنواع المعجزات. و هذا مما اتفق عليه جميع أهل الملل، وفي الكتب التي بأيدي اليهود والنصارى، والنبوات التي عندهم وأخبار الأنبياء عليهم السلام، مثل أشعياء وأرمياء ودنيال وحبقوق وداود وسليمان وغيرهم، وكتاب سفر الملوك وغيره من الكتب ما فيه معتبر. وكانت بنو إسرائيل أمة قاسية عاصية، تارة يعبدون الأصنام والأوثان، وتارة يعبدون الله، وتارة يقتلون النبيين بغير الحق وتارة يستحلون محارم الله بأدنى الحيل. فلعنوا أولا على لسان داود وكان من خراب بيت المقدس ما هو معروف عند أهل الملل كلهم. ثم بعث الله المسيح بن مريم رسولا، قد خلت من قبله الرسل، وجعله وأمه آية للناس، حيث خلقه من غير أب إظهارا لكمال قدرته، وشمول كلمته، حيث قسم النوع الإنساني الأقسام الربعة: فجعل آدم من غير ذكر ولا أنثى. وخلق زوجه حواء من ذكر بلا أنثى. وخلق المسيح بن مريم من أنثى بلا ذكر. وخلق سائرهم من الزوجين الذكر والأنثى. وآتى عبده المسيح من الآيات والبينات ما جرت به سنته، فأحيا الموتى، وأبرأ الأكمه والأبرص، وأنبأ الناس بما يأكلون وما يدخرون في بيوتهم ودعا إلى الله وإلى عبادته، متبعا سنة إخوانه المرسلين، مصدقا لمن قبله، ومبشرا بمن يأتي بعده. وكان بنو إسرائيل قد عتوا وتمردوا، وكان غالب أمره اللين والرحمة والعفو والصفح، وجعل في قلوب الذين اتبعوه رافة ورحمة وجعل منهم قسيسين ورهبانا. فتفرق الناس في المسيح عليه السلام ومن اتبعه من الحواريين ثلاثة أحزاب: قوم كذبوه وكفروا به، وزعموا أنه ابن بغي، ورموا أمه بالفرية، ونسبوه إلى يوسف النجار، وزعموا أن شريعة التوراة لم ينسخ منها شئ، وأن الله لم ينسخ ما شرعه، بعد ما فعلوه بالأنبياء، وما كان عليهم من الآصال في النجاسات والمطاعم. وقوم: غلوا فيه وزعموا أنه الله وابن الله، وأن اللاهوت تدرع الناسوت، وأن رب العالمين نزل، وأنزل ابنه ليصلب ويقتل فداء لخطيئة آدم عليه السلام. وجعلوا الإله الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد: قد ولد واتخذ ولدا وأنه إله حي عليم قدير جوهر واحد ثلاثة أقانيم وأن الواحد منها أقنوم الكلمة وهي العلم، هي تدرعت الناسوت البشري. مع العلم بأن أحدهما لا يمكن انفصاله عن الآخرين، إلا إذا جعلوه ثلاثة إلاهات متباينة، وذلك ما لا يقولونه. وتفرقوا في التثليث والاتحاد تفرقا وتشتتوا تشتتا لا يقر به عاقل، ولم يجئ به نقل، إلا كلمات متشابهات في الإنجيل وما قبله من الكتب قد بينتها كلمات محكمات في الإنجيل وما قبله، كلها تنطق بعبودية المسيح وعبادته لله وحده، ودعائه وتضرعه. .

إقرأ المزيد