تحميل كتاب إمام المتقين صلى الله عليه وسلم وأثر سنته في فهم القرآن الكريم PDF محمد بن ابراهيم التويجري

كتاب إمام المتقين صلى الله عليه وسلم وأثر سنته في فهم القرآن الكريم

إمام المتقين صلى الله عليه وسلم وأثر سنته في فهم القرآن الكريم

نبذة عن كتاب إمام المتقين صلى الله عليه وسلم وأثر سنته في فهم القرآن الكريم :

كتاب إمام المتقين صلى الله عليه وسلم وأثر سنته في فهم القرآن الكريم PDF محمد بن ابراهيم التويجري : لما نزل القرآن العظيم تغيَّر العرب، وأُعيد بناء شخصياتهم وفق المنهج الرباني، وتغيروا بآيات الله. وهذه المقالة تكشف طرفًا من أثر القرآن في تغييرهم، وتسلِّط الضوء على عدة عوامل من عوامل تأثير القرآن في نفوسهم وفي نفوس الناس. منذ أكثر من أربعة عشر قرنًا؛ وقبل أن ينعم الله -عزّ وجلّ- على البشرية بأعظم نعمة، وهي: إنزال القرآن الكريم على خاتم الأنبياء والمرسلين -صلى الله عليه وسلم-، ما كان العرب إلّا شَراذِمَ متفرقة وقبائلَ متناحرة، ثم بين عشية وضحاها صاروا إخوة متحابّين، ورفاقًا متآلفين، يفدي بعضهم بعضًا بالغالي والثمين! وقد نصّ الله تعالى في القرآن على هذه النعمة، فقال: {وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا} [آل عمران: 103]. كانوا يتقاتلون على الناقة والشاة، ثم ما لبثوا أن آثر بعضهم بعضًا على نفسه؛ ونزل فيهم قول الله تعالى: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الحشر: 9]. لم يكن لأحدهم ولاءٌ إلا لقبيلته التي ينصرها في الباطل قبل الحقّ، ولم يكن في وسع أحدهم إلا الاستجابة لصراخ أخيه في القبيلة، بلا برهان ولا بينة على قوله؛ كما قال الواصفُ لهم: لا يسألون أخاهم حين يندبهم في النائبات على ما قال برهانًا[1] ثم ما كان منهم بعد الإسلام إلا أن صار أحدهم ينصر الحقّ ولو كان مع غير قبيلته، امتثالًا لأمر الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} [النساء: 135]. وكانت العصبية القبلية دينهم، فإذا بهم يُجاهِد أحدُهم مع إخوانه في الإسلام ولو كانوا من غير قبيلته؛ بل ولو لم يكونوا من العرب بالأساس! فكان المسلم الأوسي يقاتل بجوار المسلم الخزرجي، بجوار المسلم القرشي، بجوار المسلم الحبشي، بجوار المسلم الرومي، بجوار المسلم الفارسي، كلهم ذابوا في بوتقة واحدة، يقاتلون يدًا واحدة حتى لو كان عدوهم هو قبيلة أحدهم. كانوا يتفاضلون فيما بينهم بالمال والجاه وكثرة العدد والولد وجمال الْخِلْقَة وقوة البدن، ثم أصبحت التقوى هي معيار التفضيل، والذي لا يعلمه إلا الله، بعد أن سمعوا كلام ربهم: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13]. كانوا ينتقصون ويكرهون النساء والبنات، حالهم في ذلك كما أخبر الله تعالى: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (58) يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} [النحل: 58- 59]. ويحتقرونهن ولا يعتبرونهن شيئًا؛ ثم أكرموهن وورثوهنَّ، وأعلوا قدرهن؛ كيف لا وقد فرض الله لهن نصيبًا في آيات المواريث، {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا} [النساء: 7]. كان سعي أحدهم وكَدُّهُ طول عمره في تحصيل أكبر قدر من المال والإبل والغنم والعلوّ في الأرض، ثم أصبح منتهى أمل أحدهم أن يُطْعَن في سبيل الله طعنة تنقله إلى منازل الشهداء؛ {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} [الأحزاب: 23]. كان ليلهم مع شرب الخمور وتمايل الغانيات وفعل المنكرات، فصاروا لا يبيتون إلا وقد صفّوا أقدامهم بين يدي الله -عزّ وجلّ-، يناجونه في جوف الليل، وقد تركوا الغانيات والخمور، وقد كانوا يفرطون في حياتهم التي بين جنوبهم ولا يفرطون فيها! كانوا لا يعتبرون العبيد شيئًا، وكان العبد أهون على سيده من شراك نعله؛ ثم أصبح بعد الإسلام أخًا مساويًا له في الحرمة، بل قد يفوقه ويعلوه إن كان أكثر منه في التقوى والإيمان؛ {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13]. والسؤال الآن: ما سبب كلّ هذه التغيرات والتحولات وغيرها مما يحيّر الألباب؟ والإجابة على ذلك بشيء واحد: إنه أثر القرآن في تغيير الإنسان بتطبيق النبي القدوة. .

إقرأ المزيد