كتاب مذكرات أحمد بن بلة PDF ابن منظور : 2002م - 1443هـ أحمد بن بلّة (25 ديسمبر 1916 -11 أبريل 2012)، أول رؤساء الجزائر بعد الاستقلال، من 15 أكتوبر 1963 إلى 19 يونيو 1965. ناضل من أجل استقلال البلاد عن الاحتلال الفرنسي، وشارك في تأسيس جبهة التحرير الوطني في عام 1954 واندلاع الثورة التحريرية. فاعتبر «رمزاً وقائدا لثورة أول نوفمبر... وزعيمها الروحي». وبعد الاستقلال أصبح أول رئيس للجزائر المستقلة حتى انقلب عليه وزير الدفاع هواري بومدين. نشأ بن بلة وترعرع في وسط فقير حال كل الجزائريين في أوائل القرن العشرين. انتبه مبكراً إلى الفوارق بين حال الجزائريين أصحاب الأرض والمستعمرين الغُرب الذين استولوا على الأرض ونهبوا خيراتها واسترقوا العباد. شارك في الحرب العالمية الثانية وأبدى من الشجاعة ما شهد له بها حتى خصومه، ولكن بعد عودته وجد نفسه العائل الوحيد لأهله بعد وفاته أبيه وإخوته. لم يمنعه ذلك من السعي في تحسين أمور كل الجزائريين فانضم مبكراً للحركات النضالية السياسية ثم الجهادية بعد أن تأكد أن الاستقلال ينتزع بالقوة. ساهم في استقلال الجزائر عن الاستعمار الفرنسي ثم في تحرير بلده من الجهل والفقر والتبعية. رغم سنوات حكمه القليلة وفترة سجنه الطويلة في زنزانات المحتل ثم الرفيق، إلا أن عزمه لم يكل. فعرف بدفاعه عن القضايا العادلة في العالم كله وتصديه لأنواع الاستعمارات الظاهرة والمخفية. كان بن بلة رجلاً ثوريا، مناضلا وسياسياً ومدافعا عن حقوق الإنسان. يصنف كعروبي وداعم للقضايا العربية وضمن دعاة وحدة المغرب العربي. يصفه أحد المؤرخين بأنه شخصية كبيرة ومبتسمة وبشوشة وغير ملتزمة كثيراً بالبروتوكولات. الجالس معه يحس بالراحة لبساطته وإشعاره لغيره بأنه يوافقهم الرأي أو متفهم لمواقفهم وكأنه في مكانهم. لكن عند التعارض معه من دون طريقة سلمية لفض المشكلة، فإنه قد يتحول لشخص شرس وفض. ومثلما جلبت له أدواره إعجاب البعض من الناس، فقد نال أيضاً من سخط الآخرين. فالبعض عارض اتجاهه العروبي والإسلامي والاشتراكي والبعض حمله كل وزر فترة حكمه رغم أنه لم يكن صاحب القرار الوحيد. استمر الانسجام بين بن بلة وبومدين إلى غاية انعقاد مؤتمر حزب جبهة التحرير في 14 أبريل 1964، الذي ظهرت بعده خلافات بين الرئيس وقائد الجيش بومدين حيث لوح هذا الأخير بالاستقالة لكن بن بلة رفض الأمر بشدة. كان بومدين من بين المعترضين على عقد المؤتمر، وفي المؤتمر وقعت انتقادات كبيرة ضد بومدين والجيش. صرح به بن بلة لاحقا: «الخلاف مع بومدين والجماعة بتاعه كانت لسبب واحد أساسي، من اللي يحكم في الجزائر، الجيش أم الحزب..(جبهة التحرير)». وبدأت تظهر معالم صراع جديد حول السلطة بين الرئيس بن بلة وحليفه السابق بومدين الممسك بالجيش. خاصة بعد إعلان بن بلة في ديسمبر 1964 عن حكومة جديدة احتفظ فيها بحقائب الداخلية والمالية والأخبار. صار بومدين متيقنا أن بن بلة يعمل على إزاحته. ورغم عدم قبول بن بلة للاستقالة الجماعية لبومدين وآخرين سنة 1964، إلا أن الأمور لم تهدأ. في حين أن بن بلة لم يتوقع انقلابا يقوده وزير دفاعه هواري بومدين. وفي بداية 1965، بدأ بومدين وحاشيته بالتخطيط للإطاحة ببن بلة لما ظهر منه وكأنه إبعاد لهم عن مقاليد الحكم. يذكر الشاذلي بن جديد أن الانقلاب كان مبرمجا بعد تردي العلاقات بين بن بلة وبومدين. استطاع بومدين إقناع بعض قادة الأركان بضرورة تنحية بن بلة وأبعد من شك في موافقته. وبعد شهر من التحضيرات، تولى الطاهر زبيري (قائد الأركان) أمر اعتقال بن بلة في ليلة 18-19 يونيو 1965 في فيلا جولي. وقد فاجأ بن بلة معتقليه بهدوئه وثباته، في حين كان العسكر الذين يقتدونه إلى مستقبل مجهول متخوفون منه ومتوجسون من أي حركة يقوم بها لتحرير نفسه خاصة وهو العسكري السابق والرياضي المعروف. أعلن بومدبن عن الانقلاب على موجات الراديو في خطاب حاول من خلاله تبرير ما سمي ب«التصحيح الثوري». وقد جاء في بيان المنقلبين حصيلة سلبية لحكم بن بلة. اعتبر بومدين أن بن بلة قد خرج عن خط الثورة الجزائرية واستأثر بالسلطة واتهمه بالديكتاتورية والشوفينية. وكان يأخذ عليه احتكاره لتسعة مناصب حساسة في وقت واحد، وكان بومدين يقول أنه لجأ إلى الانقلاب إنقاذا للثورة وتصحيحا للمسار السياسي وحفاظا على مكتسبات الثورة الجزائرية. ردة فعل الشعب لم تكن بالقوية وان استمرت بعض المناوشات المناهضة للانقلاب لمدة شهر. أكثر ردات الفعل وقعا كانت مظاهرات عنابة إثر الانقلاب والتي أسفرت عن سقوط 38 قتيلا من مؤيدي بن بلة. كما أوردت جريدة لومند الفرنسية في عدد صدر لها في أغسطس 1965 بعض التفاصيل حول عدد القتلى موزعين بالشكل التالي : قتيل في سكيكدة وقتيلان في تبسة و9 قتلى في وهران و40 قتيل في عنابة. وأرجع بن بلة ضعف ردة فعل الشعب الجزائري، والذي كان دائما ما يردد أن غالبية من الشعب معه، إلى كون الشعب لا يزال «مجروحا». ردة فعل أصدقاء بن بلة في الخارج لم تطل. فانتقد عدة رؤساء دول مثل فيدل كاسترو وتيتو الانقلاب، كما نظمت بعض المظاهرات في مصر والأردن. استمرت عزلة الجزائر غير الرسمية عربيا إلى غاية حرب يونيو 1967. وبالمقابل لم يف المنقلبون بوعدهم بإصدار الكتاب الأبيض المدين لحكم بن بلة، بل أن فترة حكمهم شهدت وقعهم في نفس أخطائه. فالساحة السياسية شهدت انغلاق أكبر بإقدام بومدين على حل كل المؤسسات الدستورية التي أنشئت في عهد بن بلة. واتضح حتى لمن ساعد في الانقلاب لاحقا، وعلى رأسهم العقيد زبيري قائد الأركان، أنهم خلعوا ديكتاتورا ليضعوا مكانه ديكتاتورا آخر. حتى أن بعضهم سعى للإطاحة بالنظام الجديد من خلال محاولة انقلاب أو قتل لكنها فشلت. النظام الجديد وإن بدأ بقيادة جماعية سرعان ما تحول لحكم فردي. من آثار الانقلاب أيضا، أنه ألغى تنظيم المؤتمر الإفريقي الآسيوي الذي كان المتفرض أن يُعقد في الجزائر في 29 يونيو. والذي كان يتوقع له تكوين نظام دولي جديد يحاور الموجود. وقد يفسر هذا كون الولايات المتحدة أول من بعث برقية تأييد للانقلابيين. ويرى البعض أن التاريخ قد كرر نفسه في الجزائر، حيث شبه انقلاب بومدين على بن بلة بانقلاب عبد الناصر على محمد نجيب. .
إقرأ المزيد