كتاب دراسة نقدية لترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة الإنجليزية للمستشرق ج م رودويل PDF ا د. رمضان خميس الغريب : تظهر لنا هذه الدراسة جانبا من جوانب الترجمات الاستشراقية لمعاني القرآن الكريم، وتعد ترجمة المستشرق ج. م. رودويل لمعاني القرآن الكريم إلى اللغة الإنكليزية التي قام بها عام (1861م) من أهم ترجمات المستشرقين للقرآن الكريم في القرن التاسع عشر. وقد انتشرت ترجمته آنذاك في البيئة النصرانية التي كان رودويل يمثلها أحسن تمثيل؛ حيث كان مستشرقا وقسيسا. تقع الترجمة في حوالي خمسمائة صفحة من القطع المتوسط. ولما كانت هذه الترجمة متداولة كان لا بد من إيضاح قيمتها العلمية بالتفصيل، وهذا ما يقصد إليه الباحث. وكذلك سيقوم الباحث بإيضاح فكرة إعادة ترتيب المصحف الشريف حسب نزوله ودحض هذه الفكرة. ولهذا ينقسم هذا البحث إلى مقدمة وأربعة مطالب: المطلب الأول: تعريف بالترجمة وبمنهج المؤلف فيها. المطلب الثاني: مصدر القرآن الكريم عند المستشرق رودويل. المطلب الثالث: ترتيب سور القرآن الكريم عند العلماء المسلمين وعند المستشرقين، وعند رودويل. المطلب الرابع: أمثلة على بعض الأخطاء التي وقعت في نص ترجمة رودويل وفي تعليقاته. الخاتمة والتوصيات. وإنني أشكر مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف والقائمين الخيرين عليه وذلك لعقدهم ندوة القرآن الكريم في الدراسات الاستشراقية ولدعوتهم لي للمشاركة في أعماله، سائلا الله تعالى لهم جميعا التوفيق والسداد إنه سميع مجيب. المطلب الأول تعريف بالترجمة وبمنهج المؤلف فيها: أولا:اسم المترجم، وعنوان الترجمة، وتاريخ صدورها: أ- اسم المترجم: جون ميدوز رودويل John Meadows Rodwell. كان رودويل حائزا على شهادة الماجستير من كلية كيوس Caius College في جامعة كيمبردج. وعمل قسيسا لكنيسة St. Ethelberga في لندن ( ). ب- عنوان الترجمة: The Koran القرآن. مع ملاحظة تقول:translated from the Arabic the suras arranged in chronological order with notes and index القرآن مترجما عن العربية مرتب السور حسب تاريخ النـزول، بالإضافة إلى الحواشي والفهرس المفصل. ج- تاريخ الصدور: جاءت ترجمة رودويل بعد ترجمة جورج سيل George Sale التي صدرت عام 1764م بمائة عام تقريباً.( ) وظهرت هذه الترجمة أول مرة بتاريخ 1861م في لندن، وقد طبعت بعدها طبعة منقحة عام 1876م، ثم طبعت طبعات عدة وصلت إلى حوالي 18 طبعة منذ عام 1909م عندما تبنتها دار نشر Everyman،( ) بتحقيق القس مارجليوث G. Margoliouth الذي كتب لها مقدمة ( ). وفي عام 1994م حققها آلان جونز Alan Jones، وهو مدرس للدراسات الإسلامية في جامعة أكسفورد، وقد كتب آلان جونز للترجمة مقدمة، ولم يضع مقدمة رودويل ولا مارجليوث، وأعاد ترتيب السور كما كانت في الأصل العربي، واهتم بالحواشي وغيرها ( ). والنسخة المعتمدة في هذه الدراسة هي النسخة التي حققها آلان جونز، وتاريخ الطبعة هو 1999م. وكذلك اعتمدت على نسخة أصلية للترجمة مأخوذة عن الانترنت، وهي النسخة التي فيها مقدمة رودويل الأصلية مع مقدمة مارجليوث. ثانيا: محتويات الترجمة: في النسخة المعتمدة في هذه الدراسة بلغ عدد الصفحات 509 صفحات، وتحتوي الترجمة على ما يأتي: مقدمة آلان جونز، وقائمة بالمختصرات المستخدمة في النص، وقائمة بكتب يقترح المحقق على القارئ قراءتها ليفهم القرآن، ثم يأتي النص المترجم، فالحواشي فالفهرس المفصل. ثالثا: منهج المؤلف في الترجمة وأسلوبه فيها: أ- يصرح رودويل في المقدمة أنه اعتمد في الترجمة على النسخة العربية للقرآن الكريم التي أخرجها جوستافوس فلوجل Gustavus Fluegel عام 1841م. وقد استعان بترجمات عديدة، منها ترجمة سيل، وترجمة الأب ماراسي. وكذلك استعان رودويل في موضوعات السيرة بأعمال كل من ويل وميور وسبرنجر. ولا شك أن رودويل بذل جهدا كبيرا في الترجمة، وكان أسلوبه في الترجمة أسلوب المترجمين في العصر الفكتوري عند ترجمتهم للأعمال الأدبية، وهذا اقتضى منه أن يستخدم الأساليب اللغوية القديمة المهجورة Archization ( )، وأن تكون ترجمته من الترجمات الحرفية Literal Translation، ويقول رودويل: ((كان لدي حرية أكبر أثناء ترجمة الآيات المبكرة القصيرة وذات الطابع الشعري، أما في ترجمة الآيات ذات القضايا التاريخية والنثرية فلم أمارس هذه الحرية، ولكنني حاولت الالتزام بعبارات متعددة كي أنقل معنى النص الأصلي))( ). ب- أما أسماء الأعلام فقد ترجمها رودويل كما وردت في التوراة والإنجيل باللغة الإنجليزية، لأن القارئ الإنجليزي لن يعرف بسهولة أن المقصود بـ Isa هو Jesus، ولا أن المقصود بـ Nuh هو Noah، ولا أن المقصود بـ Firaun هو Pharaoh، وهكذا دواليك. ج- أعطى للكلمات والعبارات التي تتكرر كثيرا ترجمات عديدة متنوعة وذلك بهدف ترجمة معانيها كاملة، فمثلا عبارة: أصحاب النار ترجمت بعدة طرق منها inmates، وعبارة أهل الكتاب ترجمت أحيانا بـ people of the Book( )، وأحيانا أخرى ترجمت بـ people of the Scripture( ). وكذلك فعل بكلمة التنـزيل والتي تعني أحيانا الإنزال من الأعلى، وأحيانا أخرى الوحي، وكلمة الذكر التي تعني تذكر الله عز وجل، أو ذكر اسم الله تعالى كعمل يدل على الإخلاص، وكلمة الساعة التي تدل على جزء من أجزاء الزمان، أو يوم الحساب والقيامة. د-حاول قدر الإمكان أن يضمن في ترجمته الإيقاع الوزني الموجود في الأصل مع التضحية أحيانا بالترجمة الحرفية( )، ولنأخذ مثلا سورة الفاتحة حيث ترجم معانيها بقوله: Praise be to God, Lord of the worlds The copassionate , the merciful! King in the day of reckoning! Thee only do we worship, and to Thee do we cry for help. Guide Thou us on the straight path, The path of those to whom thou hast been gracious. -withwhom thou art not angry, and who go not astray ( ). رابعا: ترتيب النص المترجم: لا يوجد مع النص المترجم نص القرآن الكريم، ولم يرقم رودويل الآيات آية آية، إلا أنه رقمها ترقيما عاما، فيضع كل عشر آيات مع بعضها. وطريقته: أنه يذكر رقم السورة ثم اسمها المترجم ثم مكان النـزول ثم عدد آياتها. خامسا: الحواشي أو التعليقات والمصادر المعتمدة في الترجمة: تدور موضوعات التعليقات والحواشي حول إيضاح معنى في النص، أو إحالات إلى آيات أخرى ذات علاقة بالآية، أو إحالات إلى التوراة والإنجيل، أو إحالات لكتب ومصادر اعتمد عليها المترجم في ترجمة النص. وقد أحال كثيرا إلى تفسير البيضاوي، وأحال إلى تفسير الزمخشري، وإلى كتاب المغازي للواقدي وتاريخ الطبري وسيرة ابن هشام وكتاب رحلة ابن بطوطة، وكتاب ألف ليلة وليلة لبورتون، وأحال لكتب الحديث مثل البخاري ومسلم والترمذي وغيرها. .
إقرأ المزيد