كتاب حول تطبيق الشريعة PDF محمد قطب : كلما ذكر تطبيق الشريعة تعالت من هنا ومن هناك صيحات منكرة، تستنكر الأمر وتستهوله، كأنما تطبيق الشريعة كارثة ستحل بديار المسلمين، أو كأنما التفكير في هذا الأمر خبل لا يصدر عن عاقل! الآن؟ في القرن العشرين؟ بعد كل ما حدث في العالم من تطور؟ وبعد أن أصبح العالم بفعل وسائل الاتصال الحديثة كالقرية الصغيرة، لا مجال فيه لاتخاذ زى يخالف أزياء الآخرين؟! تريديون أن نشذ وحدنا عن الناس؟ تريدون أن ترجعوا بنا إلى الوراء؟ أو توقفوا عجلة التطور؟! أم تريدون أن نعتزل العالم كله ونتقوقع على أنفسنا؟ وفيم هذا العناء كله؟ وما الذي يلجئنا إلى هذا الطريق الوعر؟ ألكى نكون مسلمين؟ أولا يكفى نطق لا إله إلا الله، محمد رسول الله، ليجعلنا مسلمين؟! إنكم تبتدعون في دين الله ما ليس فيه! فألإسلام يثبت بنطق الشهادتين، أما قضية الشريعة فهى من الأمور المتغيرة التي يتصرف فيها ولى الأمر بحسب رؤيته لمقتضى الأحوال! والأحوال الآن لا تسمح كما هو واضح لكل ذى عينين! وهل نسيتم الأقليات؟ كيف نطبق الشريعة وفي بلادنا أقليات لا تدين بالإسلام؟ وهل نسيتم الدول "العظمى!" وموقفها من الإسلام؟ وبالذات موقفها من تطبيق الشريعة؟ هل بنا طاقة -نحن المستضعفين في الأرض- نواجه بها الدول "العظمى"؟! إن التفكير في تطبيق الشريعة في الوقت الحاضر تفكير "غير مسؤول"! ينادى به قوم لا يعيشون بعقولهم في الواقع التاريخي المحيط بهم! أما "العقلاء" "المسؤولون" فإنهم يستنكفون أن يفكروا على هذا النحو، ويجابهون الواقع بحكمة وروية، ونظرة "واقعية" إلى الأمور! ذى بدء عن قضية العقيدة والشريعة، وهل هما منفصلتان في دين الله، بحيث نستطيع أن نكون مسلمين بمعزل عن تطبيق الشريعة؟ وقضية حرية ولى الأمر في تعطيل شريعة الله أو تعديلها أو إبدالها. ثم ناقش شبهة تعارض تطبيق الشريعة مع مقتضى التطور، وتعارض أحكام الشريعة ذاتها مع مقتضيات الحضارة الحديثة، وشبهة عدم إمكان تطبيق الشريعة بسبب وجود الأقليات في العالم الإسلامي، وعدم إمكان تطبيقها بسبب موقف الدول "العظمى" من الإسلام.
إقرأ المزيد