كتاب أغاني مهيار الدمشقي PDF أدونيس : وجْهُ مهيار نارْ تحرقُ أرض النجوم الأليفه, هوذا يتخطّى تخومَ الخليفه رافعًا بَيْرَق الأفولْ هادمًا كلّ دارْ; هوذا يرفُض الإمامَهْ تاركًا يأسَه علامهْ فوق وجه الفصولْ يدب في عروقي في صحو، وفي رمادي، أقوم والعالم حول وجهي بيت، وكل زهرة قصيدة. يرتجف التاريخ كالطريدة، ينتعش التاريخ-أي نار أطفأت، أي نار أشعلت يا مهيار؟ هبطت في منارة، حللت في قيثارة. وكانت الأوتار مثل جرح ينز، والحياة سجّادة في القصر، والتاريخ مثل خرقه يجرفها الفرات وكل ما للأرض والسماء من طيور، فاكهة تنضج واختلطنا وجهي وجه الشارع، الفرسان والحصون والزمن الملففوف حول الناس كالوشية، والجامع الواقف كي تسافر الطبيعة أو يرجع الأذان، وقائل يقول: قرأت أفلاطون، عرفت ما يكون، سيدة القصور قهرمانة، والقمر الطالع قهرمان، يسكن في حانوت، يولد، حول فخرها، يموت... وابتدأ الطوفان، واختلط المصب-قاسيون نهر، وتحت بردى لراهب اسمه بحيرة، وللكلام شجر، وللخطر حنين... وابتدأ التاريخ، وابتدأنا... يا أيها الممثل المستور يا صوفينا الكبير ها نحن ذاهبون، ويعلم الله متى نجيء. نعرف أن الليل سوف يبقى. نعرف أن الشمس سوف تبقى، لكننا نجهل ما يكون من أمر قاسيون-هذا النبيّ الأصغر المضيء، وما يكون المشهد الأخير، يا قمر الغوطة، يا صوفينا الكبير. أصرخ من جهليز في قلعة الرماد-صرت جرحاً في جسد القلعة، صرت غيماً يعانق الشرفة والإفريز، أصرخ من دهليز: أحتقر الأرض التي تكون لؤلؤة في جوف بلورة مفتوحة كالبحر-منذورة للحب". من حب الوطن يخرج أدونيس شاعراً ممتطياً صهوة الكلمة ممتشقاً سيف المعنى، وغازياً في عمق المبنى، مفتتحاً مدائن الشعر تموج عرائسها بألوان شتى. وتصرح من داخلها موسيقى تسيل أنغامها وتنسل معانيها على مهل إلى الأعماق مؤتلفة مع مشاعر القارئ متناغمة مع أحاسيسه، موقظة ما كان غافياً من خيالات وأساطير. إبداعات أدونيس الشعرية هذه تتآلف مع إبداعاته النثرية الشعرية وتأليفه المسرحية الشعرية محولة صفحات أعماله الكاملة إلى احتفالات الإنسان في حرس الإبداع الأدبي، ومكرسة شهادة للعطاء الإنساني المتجدد في مساحات المعاني والمباني الكلمة العربية.
إقرأ المزيد