كتاب الترويح والملح في شرح نظم غرامي صحيح لابن فرح PDF د. عصام الدين بن ابراهيم النقيلي : بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه، وبعد : فنقول وبالله التوفيق: إن علوم السنة النبوية المكرَّمَّة من أجلِّ العلوم وأشرفها، وأحقّها بالتعلُّم والتَّعليم، وأوْلاها بكل اهتمام وعناية، فهي العلوم التي عرفنا بها معاني كتاب الله تعلى، وبيان مجمل آياته، وتفسير حكمه وعظاته، وهي العلوم التي حرست الدِّين، وحمت الشريعة، من كذب الكاذبين، وافتراء المبطلين، وجهل بعض المسلمين. وهذه العلوم الشريفة قام بحمايتها وحراستها وتسهيلها، علماء الأمَّة المحمَّدية، فأصَّلوا لها أصولا وقعَّدوا لها قواعدا تحميها من كل من أراد بها سؤًا أو تزويرًا، وكيف لا وهم ورثة الأنبياء، ورُسل الرُّسل، وحملة الشريعة، وأمناء الملَّة وحرَّاس الدين، لذلك فقد خرجت علوم السنة من عصارة تلك العقول، ومن نتائج تلك الْأفكار، علومًا عميقة بعيدة الغور، دقيقة المسالك، فليس من السهل فهمُها ولا من المتيِّسر إدراكها. وعبَّر عن ذلك الإمام الزهري فقال: "الحديث ذكر، يحبه ذكور الرجال، ويكرهه مؤنَّثوهم" ويقصدُ بذلكَ شدَّة هذَا العلمِ وصعوبتهِ فلذلكَ وصفهُ بالذَّكرِ لأنَّهُ شديدٌ، وعلى هذا فلَا يحبُّهُ إلَّا الذُّكور الأشدَّاء. ولقد خلَّف لنا هؤلاء الأئمة الحفَّاظ ثروة علمية زاخرة، منْ تأمَّل فنونها وعلومها المختلفة علم الجُّهد الشاق والصبر الطَّويل الذي بذله سلفنا وخلفهم والعلماء في جمعها وبيانها والاستنباط منها، وتمييز ضعيفها من صحيحها وبذل الغالي والنفيس في سبيل ذلك، وعلم أيضا مقدار ما حظي به السلف من تأييد ربَّاني وفضل إلهي وتوفيق لمَّا صدقوا في الطلب. والعلم والعمل والدعوة، وصبروا على ذلك و" ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ "[الجمعة: 4]. ومن هذه الثَّروات العلمية التى خلَّفها هؤلاء العلماء الأجلَّاء ما يسمى بـ "الشِّعر التَّعليمي"، والذي قد خُصِّص نطاق عمله في نظم هذه العلوم في قصائد ومنظومات تسهيلا على طالب هذه العلوم حفظها واستيعابها، ومن ثَم الغوص في معانيها والوقوف على أسرارها. ومن ضمن ما ألِّف في هذا الميدان أي "الشِّعر التعليمي"، قصيدة في علوم الحديث، للإمام "ابن فرح الإشبيلي" والمسمَّاة بـ "القصيدة الغزلية" أو "غرامي صحيح". وكتب: الدكتور أبو فاطمة عصام الدين.
إقرأ المزيد