كتاب المواريث فى الشريعة الإسلامية فى ضوء ال والسنة PDF محمد على الصابونى : أحكام الإرث في الشريعة الإسلامية تتميز بعدة ميزات وخصائص منها: أنه تشريع إلهي من لدن الله تعالى العليم الخبير بخلقه، المتفضل عليهم بنعمه، الحكيم في تصرفه، ولذا فلن يدخل في تقسيمه الحيف والأثرة والظلم، كما هو حاصل من الإرث في غير الإسلام، المبني على عقول البشر التي لو صلحت، لتفاوتت ولما أحاطت بأسرار الخلق وحاجاتهم في الحاضر والمستقبل، فكيف إذا فسدت وغلب عليها الهوى. مراعاة الحاجة بين الورثة، حيث جعل غالبا حظ الذكر من الإرث أكثر من حظ الأنثى، وذلك لما يتحمله الذكر ويجب عليه من تبعات الزواج والإنفاق على الأهل والأولاد والضيوف. تقسيم المال الموروث على أكبر عدد ممكن من الورثة، فينتفعون به، ويكون مدعاة لانتفاع المجتمع بما ورثه الوارث الراغب في مجالات التجارة ونحوها، بخلاف ما لو كان قاصراً على واحد ونحوه، فإنه قد يكون ممن لا يستفيد المجتمع من أموالهم، لبخلهم أو كسلهم أو جبنهم. تقوية الروابط الأسرية، بجعله الإرث لأقارب الميت ومن له نعمة عليه من زوج ومعتق له{وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (75) } [الأنفال: 75]. إعطاء كل ذي حق حقه، فهو يعطي كل وارث حقه، وقد قام بحماية الضعفاء والنساء من جور الأقوياء، ففي الحديث: (إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس) متفق عليه، كما أن الإسلام لم يحرم الأقوياء من الميراث فأثبت لهم حقهم ولم يحرمهم. فهو يقدم الذرية على الأصول وبقية القرابة ومع هذا فلم يحرم الأصول وبقية الورثة، بل جعل نصيباً لكل واحد منهم مما تقر به عين المورث ويجعله يشعر أن جهده لم يذهب سدى مما يزيد من جهده وبذله. احترام الإسلام للملكية الفردية، والملكية الفردية فطرة بشرية لم تستطع الشيوعية مقاومتها وكانت سبباً في انهيارها، فالملكية تحفز العامل على الإنتاج والعمل، لأن العامل يجتهد ليؤمن مستقبل أولاده في حياته وبعد مماته، ولو كان جهده يذهب للدولة أو لغيره لكان محبطاً له وصارفاً له عن العمل. حماية المورث من الاعتداء من خلال حرمان القاتل من الإرث، حتى لا يطمع الوارث في قتل مورثه، ليرث ماله، لأن القتل يمنعه منه. جمعه بين الميراث والوصية ولكن الوصية فيه لا تكون لوارث، وتكون في حدود الثلث إلا إذا أجازها الورثة فالإسلام وسط في النظر للوصية بين من يجيزها مطلقاً حتى لبهيمة ولو استغرقت كل المال، وبين من يمنعها مطلقاً. ورث الأصول مع الفروع كالأب أو الجد مع الابن أو البنت خلافاً لمن حرمهم مع مكانتهم الكبيرة لدى الميت. اهتم بالمرأة اهتمامًا واضحًا فإذا كان مجموع الورثة خمسة وعشرين شخصًا فإن منهم خمسة عشر رجلا وعشر نسوة، ومن لهم فروض اثنا عشر شخصًا: ثمانية منهم من الإناث وأربعة من الرجال، وكرم المرأة وورثها وورث من كان من جهتها كأولاد الأم والجدة لأم، كما جعل العصبات ثلاثة أنواع: العصبة بالنفس رجال فقط، والعصية مع الغير إناث فقط، والعصبة بالغير رجال ونساء. جعل الأنصبة غاية في البساطة ويلاحظ فيها الوضوح والبساطة بحيث يمكن فهمها من جانب أي إنسان حتى لو كان أميًا، وقد وجد من الأميين من يقسم الفرائض. صلاحية هذا النظام لكل زمان وكل مكان، لما اشتمل عليه من التوازن بين الحقوق والواجبات، فهذا النظام مرتبط بنظام النفقات ومتكامل معها وليس بمعزل عن أحكام الإسلام الأخرى. أن أحكام المواريث تتسم بمسايرة الفطرة، وتوجيهها لما فيه صلاح الإنسان، وخيره في العاجل والآجل؛ مما يؤكد كونها من عند الله تعالى العليم الخبير. أن أحكام المواريث تساهم في إعادة توزيع الثروة، وعدم تكديسها في يد فئة قليلة، ولكنها تحقق ذلك بطريقة سلسة سهلة ميسرة؛ فتتماشى مع الفطرة، ولا تتناقض معها. أن أحكام المواريث قد راعى فيها الشارع كافة الحقائق، ووازن بينها بطريقة دقيقة وحكيمة، مما يجعل أحكامها متكاملة، مترابطة، لا ينقض بعضها بعضا، مما يؤدي إلى تحقيق العدالة في أدق معانيها. إن تتبع مسائل المواريث يدل على ما اتسمت به أحكامه من الحكمة والعدالة في التطبيق، فمآلها يرعى قيمة دقيقة وعميقة، مما يدل على أن مثل هذه الأحكام لا يمكن إلا أن تكون من عند الرحمن؛ ويعجز عن مثلها عالم الإنس والجان. راعت صياغة هذا النظام في القرآن الكريم مصلحة الإنسان فردا وأسرة ومجتمعًا.
إقرأ المزيد